لماذا خلقنا الله؟
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله سبحانه وتعالى: (ياأيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيرا * وسبحوه بكرةً وأصيلاً * هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيماً * تحيتهم يوم يلقونه سلام وأعد لهم أجراً عظيماً) صدق الله العظيم
لماذا خلقنا الله وماهو سر السعادة وكيف الوصول إليها ؟:
في كل لحظة من لحظات حياتنا يمدنا الله بإمدادات ونعم وأرزاق ورحمات لاتنقطع لا ليلاً ولا نهاراً، لاصيفاً ولاشتاءً، لافي اليقظة ولا في النوم، لا في الشدة ولا في الرخاء، ولو أردنا أن نحصي جزءاً من هذه النعم العظيمة لما استطعنا ذلك أبدا، ففي داخل أجسادنا 600 مليار مليار خلية، في كل خلية عالم كبير من الكائنات التي تعمل لخدمتنا ليل نهار، وقد أوجدنا الله في هذه الحياة كرماً منه وفضل، من دون أن يكون لنا علم بذلك، فجمع بين آباءنا وأمهاتنا لينجبونا، ثم حفظنا في بطون أمهاتنا ورزقنا وغذانا ونحن نائمون لمدة تسعة أشهر، وهو يصور أشكالنا في كل ساعة بأحسن صورة يمكن أن تكون، فأعطانا شكلا وجمالا وقواماً يستحيل لأي عقل على وجه الأرض، بل يستحيل لجميع العقول التي على وجه الأرض أن تتخيل أفضل من هذه الصورة التي خلقنا الله عليها، وبعد أن تكونت أجسادنا أذن الله لنا بالخروج من بطون أمهاتنا إلى هذه الحياة لنجد حنان أمهاتنا بانتظارنا، ونجد غذائنا جاهزاً في صدور أمهاتنا ينتظرنا، ونجد الهواء والماء والتراب والغذاء والشمس والقمر والنجوم وكل شيء في هذا الكون مسخر لخدمتنا من غير تعب منا ولاتفكير ولاتخطيط ، ولو فكرنا قليلاً في نعم الله علينا ونظرنا في هذا الكون الذي جعله الله مسخراً لنا برحمته، ونظرنا كيف ميزنا الله عن باقي المخلوقات في جمال أشكالنا وكمالها، ورقي معيشتنا وغذائنا وكرامتنا لعرفنا أن الله سبحانه وتعالى خلقنا لأنه يحبنا، وخلقنا من أجل السعادة والخلود، وأعطانا الحياة الدنيا هدية ومحبة منه، وفرصة ذهبية لاتعوض لكي نتعرف عليه ونتقرب منه فنفوز بنعيم الحياة الأخرى الأبدية، قال الله تعالى: (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) لذلك من الواجب علينا في مقابل هذا العطاء الإلهي العظيم والمستمر وهذا الحب الكبير أن نبادل الله العظيم بالحب الدائم والشكر المستمر والعبادة المستمرة، قال الله سبحانه وتعالى: (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لاتعلمون شيئاَ وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون)، وأفضل طريقة نعبر بها عن حبنا لله وشكرنا له هي بكثرة ذكره، كما قال سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (علامة حب الله كثرة ذكر الله)، فهذا الذكر الكثير لله هو سر السعادة في الدنيا والآخرة، قال الله تعالى: (ألا بذكر الله تطمئن القلوب)، وهو مفتاح القرب والحب من الله سبحانه وتعالى، قال الله سبحانه في الحديث القدسي: (لي عبادا يحبونني وأحبهم، ويشتاقون إلى وأشتاق إليهم، ويذكرونني وأذكرهم( وعلى قدر ذكرك لله وإخلاصك في محبته يكون مقامك في الجنة، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم؟ قالوا بلى يارسول الله، قال ذكر الله)، فالذكر هو من أعظم العبادات لله، وهومن أكثر مايقرب إلى الله تعالى، لأن الغاية من الصلاة والصوم وبقية العبادات هو ذكر الله، وبما أن الدنيا والآخرة هي بيد الله وحده، لذلك فإذا ربحنا محبة الله ورضاه فقد ربحنا كل شيء، ولأن الله جعل في الجنة درجات يجب علينا أن نسعى لننال أعلى درجة ممكنة فيها، وهذا لاينال إلى بتوفيق الله وكثرة الذكر، فلوسألنا أي شخص كان أي بيت من هذه البيوت التي في الصور التالية تختار لعرفنا الإجابة مسبقا، لأن الإنسان من طبيعته يحب الجمال ويحب الكمال، والإنسان العاقل هو الذي يحرص أن تكون حياته في الدنيا و الآخرة أفضل ماتكون ولايقبل لنفسه بالذل، أوبالقليل أوبالخراب حتى لو كانت الدنيا مؤقتة وقصيرة، فكيف إذا كانت الحياة أبدية؟ فمن باب أولى أن يكون الحرص أكبر وأعظم، وقد نبهنا الله جل جلاله برحمة منه لعظمة الجنة وعظمة درجاتها لكي نسعى أن نكون من أصحاب الدرجات العليا فيها قبل فوات الآوان، وحثنا على التفكير في تفاوت الناس في حياتهم الدنيا لنأخذ العبرة والفائدة من أجل الحياة الآبدية، قال الله سبحانه وتعالى: (انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلاً)، وكثرة ذكر الله تعالى هو من أعظم الأعمال التي يمكن أن تنال بها الدرجات العليا في الجنة، وهو سر السعادة الحقيقية والدائمة في الدنيا والآخرة، هذا الذكر الجوهرة الثمينة وهو أغلى كنز على وجه الأرض، فمن طبقه فاز فوزا عظيما، وكان من أعظم الرابحين في الدنيا والآخرة وكان من المحبوبين عند الله، لذلك حاول أن تتمسك بهذا الذكر بكامل همتك وقوتك لأنك اذا تركته فكأنما تترك حياتك وسعادتك وتفتح على نفسك أبواب الهموم والأحزان والآلام، كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (مثل الذي يذكر ربه والذي لايذكر ربه كمثل الحي والميت) والعمر قصير لذلك حاول ان تأخذ من هذا الكنز الثمين والجواهر الغالية مااستطعت لأنه هو الذي سيحدد مصيرك ومنزلتك في الدنيا والآخرة.