نعلم أن التاريخ مليء بالكثير من الآداب والمواعظ والغرائب والنوادر والقصص والطرائف ، فخطر لي أن نكتب في هذه الصفحة كل ما تقع عليه أعيننا من هذه
المواقف المؤثرة واللطائف الجميلة والأجوبة المسكتة لعلنا نستخلص منها العبر ونستفيد من تجاربها، ولعلنا نستفيد من حكم الحكماء وظرف الظرفاء وذكاء الأذكياء وتقوى الأتقياء. وإليكم
هذه المجموعة الجميلة من المواقف والطرائف :
أنت الراكب ... وأنا الماشي
خرج إبراهيم ابن ادهم إلى الحج ماشيا ...فرآه رجل على ناقته فقال له : إلى أين يا إبراهيم ؟ قال : أريد الحج . قال : أين الراحلة فإن الطريق طويلة ؟ فقال : لي
مراكب كثيرة لا تراها ...قال ما هي ؟
قال : إذا نزلت بي مصيبة ركبت مركب الصبر .
وإذا نزلت بي نعمة ركبت مركب الشكر .
وإذا نزل بي القضاء ركبت مركب الرضا .
فقال له الرجل : سر على بركة الله ، فأنت الراكب وأنا الماشي .
السعادة في الإيمان
غاضب رجل زوجته ، وقال لها متوعدا : لأشقينكِ.
فقالت في هدوء : لا تستطيع أن تشقيني.
فقال لها : وكيف ذلك؟
فقالت :لو كانت السعادة في مال لحرمتني منه أو حُلي لمنعته عني، ولكنها في شيء لا تملكه أنت ولا الناس،
إني أجد سعادتي في إيماني، وإيماني في قلبي، وقلبي لا سلطان لأحد عليه غير ربي .
خمس لا يعلمهن إلا الله
رأى المنصور في منامه ملك الموت،
فسأله : كم بقى لي من العمر؟
فأشار إليه بأصابعه الخمس، فانتبه مذعوراً، ثم سأل عن تأويل رؤياه؟
فقيل له : خمسة أعوام،
وقيل : خمسة شهور،
وقيل خمسة أيام،
وأخيرا سأل المنصور أحد العلماء عن منامه هذا،
فقال العالم :المشار إليه خمسة أمور انفرد الله بعلمها وهي :(( إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ )) لقمان 33
من صور البر
قيل لزين العابدين :إنك أبر الناس بأمك. فلماذا لا تأكل معها في طبق واحد؟
فقال :إني والله أخاف أن تسبق يدي يدها إلى ما تسبق عيناها إليه فأكون قد عققتها.
أيــهم الظالم ؟
اختصم رجلان إلى بعض الولاة، ولم يحسن أن يقضي بينهما، فضربهما وقال :الحمد لله ، لم يفتني الظالم منهما.
الكلمة ... ومعناها
غرق في البحر مركبان من مراكب المسلمين، فكتب الوالي إلى السلطان يخبره بذلك فكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، أي أستفتح بالبسملة، اعلم أيها الأمير: أن شلنديتين أي مركبين قد صفقا من جانب البحر أي غرقا، وهلك من فيهما أي تلفوا،
فكتب السلطان إلى الوالي :ورد كتابك أي وصل وفهمناه أي قرأناه ...أدب كاتبك أي اصفعه واستبدل به أي اعزله فإنه مائق أي أحمق والسلام أي انتهى الكتاب.
علوت بقدر علمي
سئل أحد العلماء وهو على المنبر عن مسألة فقال: الله أعلم لا أدري،
فقيل له: هذا المنبر لا يرقاه الجهلاء
فقال: إنما علوت بقدر علمي، ولو علوت بقدر جهلي
لبلغت السماء.
اللهم ارزقنا ... السابعة !!!
كان رجل يرزق بالبنات فكانت عنده ستا ً من البنات وكانت زوجته حاملا ً فكان يخشى أن تلد بنتا ً وهو يرغب بالولد ... فعزم في نفسه على طلاقها إن هي جاءت ببنت ! ونام تلك الليلة. فرأى في نومه كأن القيامة قد قامت .. وحضرت النار: فكان كلما أخذوا به إلى أحد أبواب النار وجد إحدى بناته تدافع عنه، وتمنعه من دخول النار، حتى مر على ستة أبواب من أبواب جهنم، وفي كل باب تقف إحدى البنات لتحجزه من دخول النار سوى الباب السابع ... فانتبه مذعوراً وعرف خطأ ما نواه وما عزم عليه، فندم على ذلك واستغفر ودعا ربه
وقال : اللهم ارزقنا السابعة.
من ورع أبي حنيفة
كان بين أبي حنيفة – رحمه الله – وبين رجل من البصرة شركة في تجارة، فبعث إليه أبو حنيفة سبعين ثوبا ً ثمينا ً وكتب إليه " إن في واحد منها عيبا ً
وهو ثوب كذا، فإذا بعته فبين العيب ".
فباعها الرجل بثلاثين ألف درهم، وجاء بها إلى أبي حنيفة.
فقال له أبو حنيفة: هل بينت العيب ؟
قال: نسيت ... فتصدق أبو حنيفة بجميع ثمنها ولم يأخذ شيئا.
أبو علقمة والطبيب
دخل أبو علقمة النحوي على طبيب
فقال له : أمتع الله بك، إني أكلت من لحوم هذه الجوازل، فطسئت طسأة فأصابني وجع ما بين الوابلة إلى دأية العنق، فلم يزل يربو وينمو حتى خالط الخلب والشراسيف، فهل عندك دواء لي ؟
فقال الطبيب : نعم، خذ خربقا ً وشلفقا ً وشربقا ً فزهزقه وزقزقه واغسله واشربه. قال أبو علقمة: ما فهمت ما قلت!!. قال الطبيب: ولا أنا فهمت ما قلت!!.
غيرة محمودة
اختصمت امرأة مع زوجها إلى القاضي " عام 286 هـ " فادعت على زوجها بصداق قيمته " 500 دينار" قالت: ما سلمه لي . فأنكر الرجل ذلك فجاءت ببينة تشهد لها بالصداق.
فقال الشهود: نريد أن تكشف لنا عن وجهها حتى نعلم أنها الزوجة أم لا ؟ " والنظر هنا مباح للضرورة " ، ولكن الزوج عندما رأى إصرارهم على رؤية وجه زوجته رفض ذلك.
وقال: هي صادقة فيما تدعيه!! فأقر بما ادعته صيانة لوجه زوجته من أن ينظر إليه حتى شهود المحكمة!! .
فلما عرفت المرأة أنه أقر بما ادعته عليه صيانة لوجهها قالت: هو في حل من صداقي عليه في الدنيا
والآخرة.
يطفيء السراج لئلا يتحرج السائل
روي عن سعيد بن العاص أنه كان يطعم الناس في رمضان فتخلف عنده ذات ليلة شاب من قريش بعدما تفرق الناس،
فقال له سعيد: أحسب أن الذي خلفك حاجة؟
قال: نعم، أصلح الله الأمير. فأطفأ سعيد الشمعة ثم قال: ما حاجتك؟
قال : تكتب لي إلى أمير المؤمنين أن عليّ دينا، واحتاج إلى مسكن.
قال: كم دينك؟
قال: ألفا دينار، وذكر ثمن المسكن. فقال سعيد: خذها منا ونكفيك مؤونة السفر..
فكان الناس يقولون: إن إطفاء الشمعة أحسن من إعطائه المال، لئلا يرى في وجهه ذل المسألة !!
إنما هي نفس واحدة
أرسل عمر بن الخطاب رضي الله عنه جيشاً إلى الروم، فأسروا عبد الله بن حذافة، فذهبوا به إلى ملكهم، فقالوا: إن هذا من أصحاب محمد، فقال: هل لك أن تتنصر وأعطيك نصف ملكي؟
قال: لو أعطيتني جميع ما تملك، وجميع ما تملك العرب ما رجعت عن دين محمد طرفة عين.
قال: إذاًً أقتلك.
قال: أنت وذاك. فأ ُمر به فصلب،
وقال للرماة: ارموه قريبا من بدنه، وهو يعرض عليه، ويأبى، فأنزله ودعا بقدر، فصب فيها ماء حتى احترقت، ودعا بأسيرين من المسلمين فأمر بأحدهما فألقى فيها وهو يعرض عليه النصرانية وهو يأبى، ثم بكى عبد الله بن حذافة،
فقيل للملك: إنه بكى وظن أنه قد جزع وتراجع عن موقفه،
فقال الملك: ردوه. ما أبكاك؟
قال ابن حذافة: هي نفس واحدة تلقى الساعة فتذهب فكنت اشتهي أن يكون بعدد شعري أنفس تلقى في النار في سبيل الله.
فقال له الطاغية: هل لك أن تقبل رأسي وأخلي عنك؟
فقال له عبد الله بن حذافة: وعن جميع أسرى المسلمين؟
قال الملك: نعم. فقبّل رأسه، فأفرج عنه وعن جميع الأسرى وقدم على عمر بن الخطاب فاخبره بما حدث،
فقال عمر: حق على كل مسلم أن يقبّل رأس ابن حذافة وأنا ابدأ. فقبّل رأسه.
أحسن الدروس
دخل الحسن والحسين رضي الله عنهما المسجد فوجدا شيخا ً يتوضأ فلا يحسن الوضوء، فأرادا أن يرشداه إلى الطريقة الصحيحة في الوضوء ولكنهما خشيا أن
يشعراه بجهله فيؤذيا شعوره، فاتفقا على رأى حيث اقتربا من الرجل، وقال كل منهما لأخيه إنه أحسن وأكمل منه وضوءا ً فلما رأى الرجل وضوءهما رجع إلى
نفسه وأدرك ما كان يقع فيه من الخطأ
فقال لهما : أحسنتما في وضوئكما، كما أحسنتما في إرشادي، فبارك الله فيكما.. وأعاد الرجل وضوءه.
تخرب ... ويموت صاحبها
قال عون بن عبد الله: بنى ملك ممن كان قبلكم مدينة، فتفوق في بنائها ثم صنع طعاما ً ودعا الناس إليه، وأقعد على أبوابها أناسا ً يسألون كل من خرج: هل رأيتم عيباً؟
فيقولون: لا، حتى جاء في آخر الناس قوم فقراء وعليهم ثياب بالية غليظة،
فسألوهم: هل رأيتم عيباً؟
فقالوا: نعم عيبين، فأدخلوهم على الملك.
فقال: هل رأيتم عيباً؟
فقالوا: عيبين،
قال: وما هما؟ قالوا: تخرب ... ويموت صاحبها.
قال: فهل تعلمون داراًً لا تخرب ولا يموت صاحبها؟
قالوا: نعم دار الآخرة، فدعوه، فاستجاب لهم وانخلع من ملكه وتركه وتعبد معهم.
خمس بخمس!
عن سعيد بن مسلمة قال: بينما امرأة عند عائشة إذ قالت بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن لا أشرك بالله شيئا ً ولا أسرق ولا أزني ولا أقتل ولدي ولا آتي ببهتان افتريه من بين يدي ورجلي، ولا أعصي
في معروف، فوفيت لربي ووفى لي ربي فوالله لا يعذبني الله.
فأتاها في المنام ملك فقال لها: كلا إنك تتبرجين، وزينتك تبدين، وخيرك تمنعين، وجارك تؤذين، وزوجك تعصين ... ثم وضع أصابعه الخمس على وجهها ... وقال: خمس بخمس، ولو زدت ِ زدناك، فأصبحت وأثر الأصابع في وجهها.
دعوة أحمق
خرج قوم من قريش في رحلة تجارة، وخرج معهم رجل أحمق فأصابتهم ريح عاصف يئسوا معها النجاة ... ثم أراد الله فسكنت الريح، فأعتق كل رجل عبدا له... فقال الأحمق ... اللهم لا مملوك لي أعتقه، ولكن امرأتي طالق لوجهك ثلاثاً.
الحق أكبر منه
دخل إياس بن معاوية الشام وهو غلام فخاصم شيخا ً كبيرا ًإلى القاضي، وتقدم عليه .
فقال له القاضي: أتتقدم شيخاً كبيراً؟!
قال إياس: الحق أكبر منه.
قال: اسكت.
قال: فمن ينطق بحجتي إذا لم أتكلم؟
قال: لا أظنك تقول حقاًً حتى تقوم. قال: لا إله إلا الله..
الثوب الأحمر
حكي أن أحد الملوك قديماًً فقد حاسة السمع، فدخل عليه أهل المملكة يعزونه.
فقال: ما حسرتي لذهاب سمعي، ولكن تأسفي لصوت المظلوم أن يغيب عني ... ثم قال: ولكنَّ بصري صحيح. وأمر بكل مظلوم أن يلبس ثوباًً أحمر، حتى إذا رآه أنصفه.
علام الهمُّ؟؟
رأى إبراهيم بن الأدهم رجلا ً مهموماًً،
فقال له: أيها الرجل: أيجري في هذا الكون شيء لا يريده الله؟
قال: لا.
قال: أينقص من رزقك شيء قدره الله؟ قال: لا.
قال: أينقص من أجلك لحظة كتبها الله في عمرك؟ قال: لا.
قال إبراهيم: فعلام الهم إذن؟؟
سيـَّد قومه
سأل عمر بن عبد العزيز جماعة جاءوه: من سيد قومه منكم؟
فقال رجل منهم: أنا.
فقال له عمر : لو كنت سيدهم ما قلت أنا.
السخاءُ الحق
قالت امرأة لحيـّان بن هلال: ما السخاء في الدين؟
قال: أن نعبد الله بنفس سخية غير مكرهة. قالت: أفتريدون على ذلك أجرا؟
قال: نعم، لأن الله وعد بالحسنة عشر أمثالها. قالت: فإذا أعطيتم واحدة وأخذتم عشراً، فأي شيء سخوتم به. إنما السخاء أن تعبدوا الله متلذذين
بطاعته، لا تريدون بذلك أجراً. ألا تستحون أن يطلع الله على قلوبكم، فيعلم أنكم تريدون شيئا بشي؟؟
أتدري لم وليت؟
استعمل الخليفة المنصور رجلا على خرسان، فأتته امرأة في حاجة فلم ترى عنده ما يفيدها ولا قضى حاجتها.
فقالت له قبل أن تنصرف: أتدري لم ولاك أمير المؤمنين؟
قال: لا قالت: لينظر، هل يستقيم أمر خرسان بلا وال ٍ أم لا؟