المقامة الأمريكية
حدثنا أبو ريتشارد اللندني قال:
حكى العم سام :
لما اتهمني قومي بمس من الجنون، وتحدث بحبسي المتحدثون ، سولت لي نفسي الفرار، وترك تلك الديار، فأسلمت للريح ساقي ، وقلت وداعاً يا رفاقي، وبت على الوجه هيمان ، لا أدري أين تسوقني القدمان ، وبينا أنا على تلك الحال طرقت مسامعي كلمات ، عن عالم جديد خلف المحيطات ، فتدافعت مع المتدافعين ، وصرت على السفينة من الراكبين،فتنفست الصعداء، وكنت أسعد السعداء، فأطلق للسفينة العنان ، رجال أشداء وقبطان ، وراح البحر يمضي من تحتنا ، وكلما اقتربنا زادت فرحتنا.
وصلنا أخيرا،ونزلنا براً مثيراً , فتسربلت فصاحة المتكلمين ، وهتفت بالقوم الفرحين : أيها الناس ، اسمعوا و عوا، ما فات مات ، وكل ما هو آت آت ، سنعمر هذي الديار، وسنزرع مواميها والقفار ، سنقتل هذا الأحمر المُريـِّش ، والأفارقة السود عبيداً نجيـِّش، سنزيل تلك الخيم، ونبني حضارة للأمم.
وفي مجتمع الفصل والتمييز، رفعنا علمنا أحفاد اللاتين والإنكليز، والبحر يهدي إلينا كل حين ، سفينة زنوج مساكين ، ومضى العلم يزداد نجوماً، وهم مظاليم عموماً، وكلما دولة في الأرض نافستنا، طالها رصاصنا ونيران غطرستنا, إلى أن جاء اليوم الموعود ، فتفجر إجرامنا المشهود ، وأرسلنا إلى أقاصي الأرض قنابل الأحقاد ، فأشرقت شمس هيروشيما على الأنقاض , و ورثنا رعاية كيان الفساد وأرباب خرافة أرض الميعاد , فرعينا لذئابهم المجازر وشعارنا دائما إلى القتل بادر , من حقنا أن بثروات الشعوب نطمع ، وأسباب كذابة لحروب النفط نبدع , اشترينا أصحاب القول والتدبير، فخلطنا بين المعايير. ) إجرام المصالح ليس إرهاب، بل هو مقاومة ظالم وانتداب (
ولكن التاريخ يوما صاح :
سيسقط الشرطي الظالم، وينعم بخير هذا العالم
وسقى الغيث طله والوابل قبر عربي قائل :
لكل شىء إذا ما تم نقصـان فلا يغر بطيب العيش إنسان
هي الأمور كما شاهدتها دول من سره زمن ساءته أزمان
منقول من موقع فور آداب
موقع كلية الآداب بجامعة حلب