هجرة قلب من الياسمين,قصة من الواقع
لن تذبل ,رويتها من أدمعي وتنفست حياتها من دقات قلبي ,قالتها وهي تضع طوق الياسمين حول عنقه,كان يقف في المطار حزينا يتنفس بصعوبة وكبرياء وكانت هي تجهش بالبكاء .
دمعت عيناه ,حاول إبعادها عن وجهه,ككل رجل شرقي يظن ان البكاء ينتقص من رجولته,ابتلع لعابه حتى لا يرتجف صوته وقال بصوت جهوري (حين أمسك يدها الباردة المرتجفة ووضعها على قلبه الذي كان يقرع كطبول حزن عند الرحيل)
:تعلمين اننا ,أنا وأنت قررنا انه علي الرحيل لأجل العمل وانا لن احتمل البعاد ,سأعود حين أؤمن اول مبلغ نستطيع به تسديد ديوننا المتراكمة,ضمها الى صدره بقوة كادت انفاسها تتقطع لاجلها وبكت دموعا تستطيع ان تسقي صحارى وتنبت فيها ازهارا,لم تكن تتخيل ان انوثتها ستبتعد عن رجولته,تلك الانوثة التي ولدت منه وعاشت لاجله ,لاجل اول وآخر قصة حب ,اشتعل وجهها كجمر عشقا ولوعة في آن معا,لم تشأ الابتعاد عن لهيبه .
حسده كثير من اصدقائه لانه حصل على فيزا الى بلاد الغرب,صعد الى الطائرة وكان وجهها يبتعد شيئا فشيئا ليصبح كعصفور صغير يحلق في سماء حبه.
سأعود ,سأعود.
رسم وجهها بعينيه ,فكان يتخيله على سقف الغرفة حين يضع رأسه على وسادته كل مساء ,يبتسم له ,يرسل قبلاته اليه لينام نوما هنيئا.
عاش فترة صعبة بداية الأمر,اماهي فكانت تتخبط بالأسى والحنين كغريق ينتظر النجاة في محيط من الهموم.
بعد ان وجد عملا له كان لابد ان يبحث عن سيارة تقله الى مركز عمله ,لم يكن يعرف احدا ليساعده في اي من اموره ,مع ان لغته كانت لابأس بها,لكنه وفي عمله تعرف على فتاة اجنبية ساحرة الجمال,ساعدته في كل اموره حتى امتلك سيارة وعاش حياة مريحة وجديدة بالنسبة له ,وبقيت زوجته نجوى حبيبته, مليكة قلبه واجمل نساء الارض عنده.
حياته العملية الجديدة وضيق وقته واعتياده شرب القهوة الصباحية كل يوم مع تلك الجميلة لم تترك مجالا له للتفكير بامور خارج نطاق محيطه مهما كانت .
أخذت رائحة القهوة الغربية تسكن رئتيه واخرج مع زفيره رائحة حب الهال.
أدمن رؤية كريستل كل يوم على طاولة العمل وشيئا فشيئا أخذ لوح من الضباب يغطي صورة نجوى .
عشق شعر كريستل الذهبي وشعر انه نور يلامس عينيه وقلبه ,بينما نجوى تدخل غرفتيهما فتراها مظلمة دونه وتشعل اضواء اكثر من قلبها وعينيها اللتين لم تكن قادرتين على الرؤية بوضوح لشدة البكاء.
جاءت تلك الشقراء لزيارته وشاهدت طوق الياسمين معلقا كلوحة رسمها اروع الفنانين ,حملته بيديها واستنشقته بقوة,مع ان شهورا من الزمن جعلته باهت اللون ,الا ان رائحة الياسمين كانت تعبق في كل مكان,كانت الأزهار ترتجف بخوف كطفل صغير يريد العودة الى امه .
سالته كريستل:الا تزال تحبها؟
اجابها بحيرة ولكن بصدق:لاأعرف ,كنت احبها كثيرا ولم اعتقد يوما اني سانساها,لكني أدمنت رائحتك واظن اني سأنسى رائحة الياسمين.
وضع الطوق جانباوعانقها بشدة.
أبحر في زرقة عينيها وحلق في سمائهما,غرز أصابعه في شعرها وذاب كقطعة جليد.
كانت زوجته تنتظر وتنتظر ,تصنع أطواقا من الياسمين,تذبل هي وتذبل تلك الأزهار.